مشاهدة المقال

الإهتمام بمؤلفات ابن سينا يحيي الطب التقليدي الإيراني

الدكتور محسن ناصري  9/9/2012
وصف رئيس قسم الطب التقليدي الإيراني العالم الكبير "ابن سينا" بأنه عبقري في التعلم والحصول على المعرفة، قائلا: يجب تدريس أعمال علماء كبار كإبن سينا في الجامعات، ويمكننا أيضاً التعريف بالطب التقليدي الإيراني علي العالم عبر تصحيح هذه المؤلفات وإعادة كتابتها وترجمتها.

 

 

وقال الدكتور محسن ناصري في حواره مع وكالة أنباء الكتاب الإيرانية إن ابن سينا عقبري بدأ يتعلم الطب في العاشر من عمره، تاركاً بصمات كبيرة في الطب علي مستوي العالم.

 

وأضاف أن ابن سينا كان يعتبر الطب علماً سهلاً وميسوراً وكان قد قال بعد تعلمه هذه المهنة أنه نال آفاقاً جديدة لا توصف في علاج الأمراض.

 

وحول مساعي ابن سينا للتعلم ونيل مكانة مرموقة في العلم، قال رئيس قسم الطب التقليدي الإيراني إن هذا العالم نال هذا الموقع الرفيع بتجاربه وعلاجه المرضي، حيث عالج أمراضاً في صغر سنه، عجز كبار أطباء عصره عن ذلك.

 

وحسب ناصري فإن الدقة والمثابرة العالية لإبن سينا كان من أسباب نجاحه، موضحاً أن هذا العالم قام ببحوث ودراسات ليلاً ونهاراً خلال عامين في مكتبة تحوي علي أكثر من مليون كتاب، وإطلع هناك علي علوم عصره كافة، ونشر العلوم الموجودة آنذاك كما يقول.

 

وشرح مؤلف كتاب "قصب السكر في مدرسة الطب الإيرانية" آراء ابن سينا الطبية، وقال: إن تعريفه عن الطب يثير التأمل، معتبراً الطب علماً يحفظ صحة بدن الإنسان، حيث كان يؤمن بضرورة الوقاية من المرض وتربية أطباء يعلّمون الناس أساليب الحياة بشكل صحيح،‌ حيث لا ينشغلون فقط بمعالجة المرضي،‌ بل يركزون علي الوقاية من المرض.

 

وأضاف الدكتور ناصري أن ابن سينا كان يؤمن بستة مباديء في عمل الطب، أهمها الرياضة، والنشاط البدني، والتغدية المناسبة، وتنظيم النوم واليقظة. والجدير بالذكر أن ابن سينا كان يؤكد علي الرياضة والنشاط الجسدي في وقت كان معظم الناس لديهم نشاط وحراك بدني كبير دون أن تكون هناك تأكيدات طبية علي أهمية هذا الأمر،‌ لكن ابن سينا أدرج النشاط الجسدي ضمن مباديء الطب وحفظ سلامة البدن إيماناً بأهمية ذلك.

 

وأوضح أن إدارة التغذية وتنظيم النوم واليقظة كانت من قضايا تقي الناس من الأمراض حسب قول ابن سينا.

 

وانتقد ناصري تهميش مؤلفات علماء كبار كإبن سينا وابوالحسن طبري وزكريا رازي في الجامعات الإيرانية، وقال: منذ خمس سنوات سمحوا بدراسة كلمات وأعمال هؤلاء العظماء في المؤسسات العلمية‌ والجامعية، إذن هذا التغيير يحيي مرة أخري الطب التقليدي.

 

وحول الجهود المبذولة لإحياء الطب التقليدي، قال مؤلف كتاب "إطلالة‌ علي الخطوط العريضة للطب التقليدي الإيراني" إن جهات عدة تبنت خلال الأعوام الأخيرة مسؤولية نشر أعمال الطب التقليدي، منها جمعية "إحياء التراث المكتوب للطب التقليدي الإيراني" التي أصدرت 27 كتاباً لحكماء إيرانيين منهم إبن سينا.

 

وعن إمكانية توفير أعمال ابن سينا قال: إن كافة كتب هذا العالم متوفرة اليوم،‌ لكن بعض هذه الأعمال ظلّت مخطوطة وأخري لم تتجدد طباعتها بحاجة إلي عناية‌ وإهتمام.

 

وحول مشاكل تصحيح ونشر هذه الكتب،‌ أضاف مؤلف كتاب "علاج أمراض اللثة في الطب التقليدي الإيراني" أن أهم حاجز في هذا المضمار يتمثل في صعوبة إجراء بحوث وتصحيح هذه المؤلفات، لكن الحراك الذي انطلق حديثاً للتعريف بأعمال عظماء كإبن سينا سوف يثمر مستقبلاً،‌ وتوضع هذه الكتب كافة في متناول الأطباء والتواقين بلغة عصرية.

 

وأكّد ناصري علي تحديث مصادر الطب التقليدي،‌ وقال: إن نشر هذه الأعمال بلغة عصرية يفتقر إلي التعاون بين السلطات والكتّاب، ونحن مازلنا في بداية الطريق.

 

وأشار إلي أن عدد نشطاء الطب التقليدي بإيران حوالي 150 شخصاً، وقال: إن هذا العدد قليل جداً في ظل تجاوز أعضاء الأسرة الطبية من 160 ألف شخص، بينما بمقدور الطب التقليدي مساعدة المجتمع إلي جانب الطب الحديث.

 

وأضاف الدكتور ناصري أن الطبين التقليدي والحديث متداخلان ليسا مستقلان عن البعض،‌ وقال: إن مصدر وهدف الطبين واحد، وكل واحد منهما يتقدم علي الآخر في حالات ومواقع، بالتالي فإن إندماج هذين الطبين يعود بالنفع الكبير للأسرة الطبية، إذ إن الطب الجديد حقق حديثاً إنجازات كان قد نالها الطب التقليدي قبل قرون، وفي المقابل أيضاً يعجز الطب التقليدي عن علاج كامل لبعض الأمراض الجديدة.

 

ونوّه إلي أن الطب يُعد من ركائز ثقافة كل شعب يتعاطي جميع أبنائه معه، فمن هذا المنطلق إحياء الطب التقليدي إحياء لجزء من ثقافتنا وهذا له قيمة كبيرة تاريخياً وعلمياً.

 

وأردف رئيس مجموعة الطب التقليدي الإيراني أن الطب التقليدي الصيني أصبح طباً معروفاً‌ في العالم اليوم، لذلك يجب أن يُقدم بلدنا علي‌ خطوات في التعريف بطبه التقليدي، منها تصحيح وترجمة الكتب. لغة النصوص القديمة معقدة وثقيلة، إذاً نحن قررنا نشر هذه الأعمال في ثلاثة‌ مجالات التصحيح وإعادة الكتابة‌ والترجمة في سبيل إحياء التراث المكتوب للطب التقليدي الإيراني.

 

ووصف ترجمة هذه الكتب إلي اللغات غير الفارسية بأنها باتت أمراً ضرورياً بحاجة إلي عمل جماعي دؤوب، مضيفاً: أننا نريد حسب مشروعنا الدولي ترجمة هذه الكتب إلي لغات عالمية حية كالإنجليزية والصينية‌ والعربية للتعريف مرة أخري بالطب الإيراني التقليدي.

 

الدكتور محسن ناصري يملك شهادة الدكتوراه التخصصية في علم العقاقير، حصل عليها من جامعة الشهيد بهشتي للعلوم الطبية بطهران، وهو يرأس اليوم قسم الطب التقليدي الإيراني بجامعة "شاهد".

 

ومن نشاطات ومسؤوليات الدكتور ناصري، إدارة قسم تأليف مواضيع "مادة الطب التقليدي" في معاونية التعليم والشؤون الطلابية بوزارة الصحة، وتأسيس وإدارة قسم الطب التقليدي الإيراني بكلية‌ الطب لجامعة شاهد، وإنشاء صيدلية الطب التقليدي بمستشفي الشهيد مصطفي الخميني بطهران، والعضوية في فرع الطب الإسلامي والتقليدي بمعهد العلوم الطبية، والعضوية في المجلس التعليمي للطب التقليدي والمكمل بوزارة الصحة.

 

هذا، وإختارت الدورة العشرين لجائزة كتاب الفصل كتاب "قصب السكر في مدرسة الطب الإيراني" الذي ألّفه الدكتور ناصري وفرزانه غفاري بالإشتراك، وأصدرته دار "المعي" للنشر والطباعة.

 

 

 

المصدر: ايبنا

 

 

 

مؤسسه ابن‌سينا الثقافية والعلمية - ساحة قبة ابن‌سينا - ايران - ص.ب: ١١٣٦ 

٩٨٨١٣٨٢٦٣٢٥٠+  -  ٩٨٨١٣٨٢٧٥٠٦٢+

 

info@buali.ir