تأثير عطار في المنظومة الفكرية لسكان آسيا الوسطي

انعقد يوم تكريم الأديب الإيراني "عطار نيشابوري" في مقر معهد الثقافة والفن والعلاقات بحضور الدكتور محمود عابدي والدكتور ابراهيم خدايار الذي أشار في حديثه إلي عظمة علماء إيران القدامي، منهم هذا الأديب بآسيا الوسطي، واصفاً مسؤولية إيران في الدعم الفكري لسكان هذه المنطقة بأنها كبيرة ومهمة.

 

 

أن إجتماع يوم تكريم الأديب عطار نيشابوري انعقد يوم الثلاثاء الماضي في مقر معهد الثقافة والفن والعلاقات بمشاركة الدكتور ابراهيم خدايار والدكتور محمود عابدي من الساعة الخامسة عصراً إلي السابعة مساءاً. قال عابدي في هذا الإجتماع إن عطار شخصية إستثنائية في العرفان، وكان يتبع الشاعر "سنائي" في العرفان والشعر، إلي أنه انتهج أسلوباً مستقلاً بعد تأليف "أسرارنامه" (رسالة الأسرار) الذي سلك فيه النهج الذي اتبعه سنائي في كتاب حديقة الحقيقة.

 

وتابع: أن عطار يعرض مختلف المراحل والمقامات العرفانية في منطق الطير الذي يقدّم أسلوباً جديداً من حيث القالب واللغة نجد مثيله في أعمال "إبن سينا" و"الشيخ شهاب الدين سهروردي" فحسب. منطق الطير يتحدث عن رحلة روحانية للإنسان من عالم الكثرة (عالم الناسوت) إلي عالم الوحدة أو من الذات إلي الله، حتي من الذات إلي الذات.

 

وأوضح هذا العضو في معهد اللغة الفارسية وآدابها أن قصة الشيخ صنعان بمثابة القلب النابض لكتاب "منطق الطير". هذه القصة تعني إنتقال الإنسان من القيم المعروفة إلي عالم ينتهي إلي الحب والعشق. وفي الحقيقة هذه القصة تبدأ من الذات الإنسانية إلي مقام الفناء في الله.

 

وأشار عابدي في كلمته إلي أن لغة أشعار عطار شيرازي ومولانا جلال الدين بلخي بسيطة وواضحة تبعد كل البعد عن التعقيد والتنطح وإظهار الفضل علي الآخرين، ثم قام بدراسة مقارنة لقصة الشيخ صنعان في منطق الطير وقصة "بير جنكي" (الشيخ المحارب) الوارد في مثنوي، محلّلاً هاتين القصتين وفق مبدأ المواجهة.

 

وقال عابدي في ختام حديثه إن الشيخ صنعان كان فقيهاً بارزاً متربعاً علي قمة علم الفقه، و"بيرجنكي" في قمة الرذالة والإثم. لكنّ الإثنان يشتركان في مقام هو مواجهة الحقيقة. لنعلم أن الجماليات ليست ظاهرة خارجية، والحقيقة تنطلق من الذات الإنسانية، وإذا ما نال الإنسان الحقيقة وجمالياتها، يجد مقام ومصير "بير جنكي" و"الشيخ صنعان" مشابهاً ومماثلاً. لذا يتعين علينا مشاهده هذه الجماليات في أعمال عطار.

 

ثم، نوّه إبراهيم خدايار إلي ترجمة أعمال عطار في اسيا الوسطي وتأثير هذه الترجمات علي أفكار مواطني هذه البلدان، وقال: إن آسيا الوسطي لعبت دوراً محورياً في بلورة ثقافة الشعوب المنتمية إلي العرق الآري، حيث يثبت "سعيد نفيسي أن سواحل سيحون وجيحون أو ما ماوراء النهر كانت أرض الميعاد بالنسبة للإيرانيين، مستشهداً في ذلك بما ورد في كتاب اوستا.

 

وأضاف: أن معظم سكان ماوراء النهر تعرفوا علي مختلف العلوم من خلال اللغة الفارسية التي كانت لغة العلم بالنسبة لهم، إذ بدأت عملية ترجمة الأعمال الفارسية العظيمة في بلاط "التيموريين" بمدينة هرات من القرن التاسع الهجري فصاعداً. ترك عطار تأثيراً كبيراً في أفكار أحد أكبر علماء هذا العصر أي "أمير علي شيرنوايي".

 

وأكد رئيس مركز دراسات اللغة الفارسية وآدابها بجامعة "تربيت مدرس" أنه يقسّم تراث عطار في هذه البلدان إلي ثلاثة أقسام هي: مخطوطات أعمال عطار في هذه المنطقة أي في متحف "ابوريحان بيروني" بطشقند، والطباعة الحجرية لأعمال عطار في طاجيكستان وأوزبكستان، ومناطق أخري وترجمة كتب عطار إلي اللغة الأوزبكية من القرن التاسع.

 

وأوضح خدايار بأن جميع الباحثين، يقسمون أعمال عطار إلي القسمين الحقيقي والمزور، إذ إن "هفت منظومة" (المنظومات السبع) من أعماله الأصلية، وتوجد مخطوطة فريدة بخط النسخ من كتاب "تذكرة الأولياء" في مكتبة جامعة سمرقند الحكومية. تعود هذه النسخة إلي عام685 للهجرة القمرية. وقام "نيكلسون" و"استعلامي" بتصحيح تذكرة الأولياء وفق هذه النسخة الموجودة في سمرقند.

 

وأكد أن مخطوطة أخري من تذكرة الأولياء تعود إلي 698 للهجرة القمرية توجد في طشقند عاصمة أوزبكستان. ويتضمن متحف ابوريحان بيروني في طشقند 51 نسخة من هذا الكتاب. ثم، عرّف الشاعر والباحث الأوزبكي "شاه نياز موسايف" بـ 150 كتاباً من مؤلفات عطار في مقال، 90 منها من أعماله المنظومة. وتحتفظ بهذه الأعمال كلها في هذا المتحف.

 

ومن جهة أخري، استعرض خدايار عدداً آخر من المخطوطات الموجودة في هذه المؤسسة، وقال: إن بعض هذه الأعمال نسبت لاحقاً إلي عطار، لكنها ليست من مؤلفاته. ثم أشار إلي كتاب "بند نامه" الذي كان يُعتبر من أعمال عطار، وكان ضمن الكتب الدراسية في مدارس وجامعات هذه المنطقة، لكن باحثون كالدكتور شفيعي كدكني لا يعتبرونه من أعمال عطار. كذلك، نوّه خدايار إلي الأعمال المطبوعة حجرياً لعطار نيشابوري في أوزبكستان، وبعض أعماله التي ترجمت إلي اللغة الأوزبكية.

 

وقال خدايار: إن الأديب "امير علي شيرنوايي" كان قد ترجم معظم أعمال عطار إلي اللغة التركية والأوزبكية. "شيرنوايي" كان شخصية كأمير كبير. وهو من أعطي الأوامر لترميم قبر عطار لأول مرة. كذلك هو كان مؤسس أدب جغتاي التركي. ثم، ترجم هذا الأديب الأوزبكي كتاب "منطق الطير" إلي اللغة الأوزبكية بعنوان "لسان الطير" بنفس الإيقاع والوزن الشعري.

 

ثم، قارن خدايار كتابي منطق الطير ولسان الطير، مشيراً إلي الدراسات والبحوث التي أجريت علي لسان الطير.

 

ونوّه إلي أن الأدب الإيراني والعلماء الإيرانيين كانوا محببين لدي سكان ماوراء النهر، وقال: إن اللغة الفارسية فقدت الإعتراف بها كلغة رسمية مع ثورة 1917، واليوم تقع علي عاتقنا مسؤولية كبيرة لإشاعة هذه اللغة والفكر الإيراني مرة أخري في هذه البلدان بالتعاون مع المثقفين المعاصرين في بلدي أوزبكستان وطاجيكستان. إذ يكثر اليوم الشعراء الناطقون بالفارسية بأوزبكستان، فهم يعتبرون أنفسهم إيران الصغري، فعلينا نحن التعاون معهم.

 

هذا، وانعقد الثلاثاء الماضي الموافق 17 أبريل 2012 مراسم يوم تكريم عطار نيشابوري بحضور ابراهيم خدايار والدكتور محمود عابدي في مقر معهد الثقافة والفن والعلاقات.

 

 

 

المصدر: ايبنا

 

 

 

 

Apr 20, 2012 12:14
انقر فوق حساب : 288

مؤسسه ابن‌سينا الثقافية والعلمية - ساحة قبة ابن‌سينا - ايران - ص.ب: ١١٣٦ 

٩٨٨١٣٨٢٦٣٢٥٠+  -  ٩٨٨١٣٨٢٧٥٠٦٢+

 

info@buali.ir